الاثنين، 13 أغسطس 2012
افتتاحية ميادين العدد 66-67 يكتبها أحمد الفيتوري
الليبيون ينجحون مرة ثالثة ..
1 – معارضو الخارج .. معارضو الداخل
!
كتب الإعلامي محمود شمام تغريدة في تويتر مفادها :أن معارضي الخارج الليبيين قد فرحوا لأن من رشحوا أنفسهم لرئاسة المؤتمر الوطني العام هم من معارضي الخارج.
فتذكرت أننا في سجن أبوسليم في مطلع ثمانينات ،( 80 /81 ،)القرن الماضي أثرنا مسألة معارضي الداخل والخارج، وككل مسألة شائكة اختلفنا حولها، وذات مرة هُربت لنا قصاصة ورق – تم لف ملح بالورقة، وكان كل من له علاقة بالثقافة والصحافة ممنوعا دخوله للسجن، فبرعت عجائزنا المناضلات في فك المجلة ولف الأشياء المسموح بها بأوراق المجلة التي تم فكها - ، كانت قصاصة من مجلة الوطن العربي التي تصدر في باريس، ومن الصدف أن يكون الكاتب المصري غالي شكري قد كتب مقالته في المجلة حول هذه المسألة، وخلاصة رأيه عن المعارضة المصرية أن ليس ثمة خارج أو داخل بل هنــاك معارضة لمشاريع السادات الانفتاحية والتسوية، أعجبنا الرأي ولقي صدى في نفوسنا التي تبحث عن تسوية ما .
كنت يوم الأربعاء الماضي في طرابلس بقاعة فندق ريكسوس حيث تمت مراسم حفل تسليم السلطات من المجلس الوطني الانتقالي إلي المؤتمر الوطني العام، ولم أفكر في مسألة الخارج والداخل هذه، ولم يثرها أحد من قريب أو بعيد. الغريب أن لا أحد فكر في هذه المسألة يوم كنت من المشاركين في تأسيس المجلس الوطني الانتقالي بمقر الجامعة الدولية ببنغازي في الأسبوع الأول من الثورة وشاهدت أن الجمع الحاضر كان جلّ اهتمامه مركزا على معارضي العاصمة .
ولم يلفت معارضو الخارج النظر إليهم في الداخل كما فعلوا في مؤتمر لندن للمعارضة الذي عقد عام 2005 م ، لقد نال ذلكم المؤتمر تغطية إعلامية جيدة وكان المؤتمرون في مستوى اللحظة التاريخية حتى جن جنون الديكتاتور ودفع بمشروعه للتوريث دفعة جعلت الكثيرين يعطون بظهرهم لموقف المؤتمر الحاسم والمطالب بإسقاط النظام ، وأظن أن هذا من المسائل التي ساهمت في فشل الإخوان الليبيين في تحقيق أهدافهم حيث قاطعوا المؤتمر وانحازوا لمشروع التوريث كما هو معروف.
لكن النجاح الذي حصلت عليه المعارضة فيما بعد – بعد نجاح ثورة فبراير وفي الانتخابات بالتحديد - كان نجاحا فرديا لأشخاص، ساهم فيه التلفزيون ،أي كانت الميديا وراء هذه النجاحات التي قدمت بعض شخصيات معارضة الخارج بقوة ، ومن هنا نحن أمام ظاهرة واضحة لقوة معارضي الخارج في مؤسسات الدولة الناشئة، ولعل حكومة الكيب خير دليل، وحتى اللحظة لم تثر مسألة الخارج والداخل بل أن الانتخابات الليبية اكتسحت كل التوقعات ورشحت عن حالة وطنية فوق كل الاعتبارات في أغلب البلاد.
ولذا فإن المنتخبين رشحوا مهام وطنية ذات طبيعة توافقية بين من تمكنوا من الوصول إلى المؤتمر الوطني العام، فبات الفوز القوى وغير المحسوب للتحالف يلزمه بأخذ زمام المبادرة والعمل من أجل توافق خلاّق لا يضع العصي في الدواليب ، ويلزم أيضا معارضي الخارج ، <(العائدون )بتفهم وضع المعارضة في الداخل منذ نجحت الثورة لكنها دفعت الثمن غاليا من أجل ذلك، بأن افتقرت في أحوال معينة لقلة الكفاءة،فقد كابدت كما كل الليبيين التجهيل والإقصاء وعانت من التشرذم ، حتى لم يتمكن معارضو الداخل من اللقاء معا إلا في السجون .
تبقي مسألة رشحت بها الحالة الليبية كزكام مزمن وهي عقلية الموظف فالنخبة كما كافة الناس ترزح تحت هذه العقلية ، فيبدو المستقبل لا ضمان له غير الوظيفة الحكومية ، و لا مصدر للعيش غير خزينة الدولة الريعية التي لا تملك غير أنبوب أكسجين واحد أحد : البترول الذي دونه كل حلم مقبور حتى عند الخواص من هم أيضا موظفون عند الدولة بدرجة تاجر أو مقاول، ويصل الأمر عند هؤلاء حالة من هوس النهب فكأنما مال الدولة غنيمة وأن مصدره ينضب في التو ، وهذا جعلنا شعبا مسلحا وفي كل فج كتيبة، تحت مظلة السلاح نتمترس حتى اللحظة الراهنة.
2 –
في وداع مصطفي عبد الجليل
لم تكن لحظة بل هي اللحظة وليس حلما ما تحقق بل هو كل حلم ، ساعة وقفت في قاعة المؤتمر الوطني، حين أعلن السيد المستشار مصطفي عبد الجليل فاتحة الدستور الذي عمد بالدم كانت الفاتحة تسليم السلطة ، لم يكن هذا الرجل من المؤسسين للبلاد لكنه كان الفاعل لما لم يحدث قبل ، كانت يد الشعب يده وهو يسلم سلطاته التي شرعنتها دماء الشعب إلي ما شرعه الشعب الناخب ، هل كان السيد المستشار غير تفاؤل إرادة شعب خط الملحمة الثانية لاستقلاله.
لم يكن الرجل من الساسة ، لم يكن متمرسا في كواليس ، لم يكن سياسيا لكن اللحظة الاستثنائية جاءت إليه تسعى ، كنت من شهودها تلك اللحظة الاستثنائية : إعلان تأسيس المجلس الوطني الانتقالي وأن المستشار مصطفي عبد الجليل رئيسا لذا المجلس، منذ تلك الساعة عده أهل البلاد رئيسهم في الزاوية في غربها جبل نفوسة ، في مصراته غراد ، ومن بوابة شرق البلاد حتى اجدابيا التي تكبدت كثيرا كي تصد الطغيان عن بنغازي مقر الثورة، مستقر التعويذة المستشار الذي في رقبته علقت البلاد، البلاد التي كانت في أتون الدم.
لم يكن هذا الخطــأ الكبير يدرك أنه الرأس لحظة رفعت البلاد الرأس،لم يكن يدرك – كما أغلب الليبيات والليبيين- أنه مشروع شهيد حين أعلن في البيضاء اعتزاله ، البيضاء المدينة التي بأظافرها مزقت البيت الحامي من النووي – بيت الطاغية.
مصطفي عبد الجليل لم يستشره أحد، كان الشعب قاضي القضاة في يده كل السلطات فخوله سلطاته، ولم يكن الرجل في مقام القبول وليس المقام للمراجعة، بسم الشعب أنت مخول بالثورة حتى التحرير، المهمة ليس لها من قوة غير التفاؤل والإرادة.
ما أكثر الصغائر حين تعدها لكن ما أقل الزاد حينها، ما أصعب أن تكون أيقونة شعب نهض من رماد، هكذا كانت ليبيا تُنهض في العالم همة، الشعوب ليست ما يعد،إن الأفعال ما جعلت هذا الكائن الصغير هذا الإنسان من لا حول له ، له تركع الجبال.
3 –
في الترحيب بالمؤتمر الوطني العام
منذ ليلة 15 فبراير والبلاد في الموعد، الانتخابات في حينها، تسليم السلطة في الساعة، المؤتمر الوطني العام عند الوعد، للمرة الثالثة ففي فترة موجزة تلتوي الأعناق ذهولا مما يحدث في بلاد تم التواطؤ لإخراجها من الجغرافيا والتاريخ ، كانت مواقع الانترنت لا تكتب اسم البلاد كما بقية البلاد، وطرابلس الغرب لا تذكر أحوالها الجوية في تلفزيونات الكثير من دول العالم .
البلاد التي لا أين لها غذت حجر الأساس، فأي لحظة صعبة وتكليف أصعب يكون فيه بشر كما هم فيه أعضاء المؤتمر الوطني العام في ليبيا ؟ ، بلاد مدججة بالآمال كما مدججة بالسلاح تتوق للحياة وتمني النفس بدستور، بلاد مقسمة وغير منقسمة ، ليبيا معبر كما هي باب المتوسط الأكبر مدججة بالنفط .
مرحبا بكم :
أيها الرئيس محمد يوسف المقريف
أيها النائب الأول جمعة أحمد عتيقة
أيها النائب الثاني صالح مخزوم
أيها الأعضاء جمعا وفردا فردا
أنتم رأس بلاد مدججة بكل شيء : الطوق والتوق، تبغي الأمن والسلام .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق